Subject: دماؤكم مقابل دمائنا Sun May 29, 2011 3:11 am
دماؤكم مقابل دمائنا
ما كل هذا البطء؟.. سألنى صديقى هذا السؤال الغامض واتبعه بسؤال واضح وضوح الشمس الحارقة المضيئة وطلب أن أجيب عليه بشكل واضح ومحدد دون مواربة ورفض مسبق لأى رد دبلوماسى.. هل المجلس العسكرى متعمد هذا البطء لكى يصل بنا فى النهاية إلى أن نطلب منه أن يحكمنا ولا يديرنا مثلما قال أحد أعضائه وأنه سيسلم السلطة ولن يرشح أحدا من عنده لرئاسة الجمهورية؟ قلت له يا سيدى دعنا نقرر فى البداية أن قادة المجلس العسكرى يديرون الأمور بشكل «تقليدى» أمام مطالب «ثورية» و«تقليدية» تلك ليست «سبة» أو تقليلاً من شأن أحد وسأعطيك مثالا بما أطلقوا عليه «مليونية الزحف لتحرير فلسطين».. هل تعتقد أن من رتبوا هذا الأمر يدركون ما كانت ستؤول إليه الأمور حال وصولهم إلى «الحدود».. إنه إعلان «حالة الحرب» يا صديقى.. وهل تعتقد أن إسرائيل كانت ستقف مكتوفة الأيدى.. وعلى الصعيد الداخلى مثلا هناك الكثيرون يطالبون بإعلان «الأحكام العرفية» دون معرفة لآثارها السلبية- لو كانت كلها إيجابيات لطبقها المجلس منذ أن قرر حماية الثورة- للسيطرة على الانفلات الأمنى واتخاذ قرارات ثورية تناسب طبيعة المرحلة وهؤلاء لا يعلمون أن القرارات الثورية- يمكن للعقليات التقليدية أن تتخذ مثل هذا القرار- بإعلان الأحكام العرفية سيمنع المعونات التى بدأت تتدفق باعتبارنا بدأنا التحول الحقيقى نحو الديمقراطية وكذلك إذا قدمنا مثلا أحد الوزراء المتهمين بسرقة المال العام إلى محكمة عسكرية أو محكمة أمن دولة لتسريع الإجراءات ولإشباع رغبة الثوار فى مشاهدة تغيير سريع لا يدركون أن مثل هذا النوع من المحاكم لا يعترف به فى الخارج وإن كان ناجزا فى الداخل وبالتالى لن نحصل على مليم من الأموال المنهوبة والمودعة الخارج ناهيك عن أن الأحكام العرفية يمكن أن تطول أى فرد حتى لو تم الوشاية به لأنه لن يكون هناك أى ضمانات قانونية وفى هذا الصدد أسأل القاضى الجليل الذى يطالب بتسريع «رتم» المحاكمات.. هل يا سيادة القاضى الجليل حكمت فى قضية ما طوال مدة وجودك على المنصة قبل عام من وجود القضية أمامك. أعتقد أن كثيراً من القراء اعتقدوا أننى أدافع عن «الوضع الحالى» وفى الحقيقة لا أدافع وأنا مثلكم أود أن أرى تغييراً سريعاً ولكننى أتفهم الظروف ودعونى أذكر لكم مثالا أنا معجب به وأترك لكم الحكم عليه وهو: عندما قامت الثورة الإيرانية ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوى كان رجال الشاه فى إيران مثل رجال حسنى مبارك تماما نسخة طبق الأصل نفوذ.. سرقات.. فساد.. إفقار للشعب.. تدمير منظم للكفاءات.. اقتصاد مهلهل بسب السرقة المنظمة وثروات غير مشروعة بالمليارات.. ماذا فعلوا بهم؟ أنشأوا جهازا اسمه «جهاز متابعة الثورة فى الداخل والخارج»، إن لم أكن مخطئا كانت مهمته فى الخارج تعقب المسؤولين الهاربين وفى الداخل وضع المتهم بسرقة المليارات على المحك إما الإعدام أنت وعائلتك وإما إعادة أموال الشعب المسروقة طواعية، ونجحت الفكرة فى إعادة جميع الأموال الإيرانية المنهوبة من بنوك الخارج حيث استعادها ناهبوها بمحض إرادتهم ودخلت خزينة الدولة الإيرانية التى لم تحتج بعد الثورة إلى أن تستدين من أحد مليما، ودون أن تطلب قروضا أو تنتظر من يحسن إليها لأن أموال الشعب هى دماؤه التى سالت فى جيوب هؤلاء السفاكين وبالتالى يحق لهم أن يحموا دماءهم ويقفوا وجها لوجه قائلين: دماؤكم مقابل دمائنا.